بدأت أجواء الانتخابات تلوح بثقلها على الشارع المغربي وزادت حرارتها في حرارة الجو الصيفي؛ وكثرت الأحاديث
والأقاويل حول من سيفوز وحول المشاركة في حد ذاتها؛ ولعل السمة الغالبة التي يحاول البعض أن يمررها هي عدم جدوى المشاركة لأن سواء بالمشاركة أو بعدمها فلن تتغير الأوضاع إلى ما هو أحسن.
وتحاول عدة جهات سواء كانت محلية أو وطنية أو حتى الدولية منها تحسيس المغاربة بضرورة مشاركتهم في هذه الانتخابات وبالتالي تفعيل المشاركة في العمل السياسي لأجل تغيير الواقع المتردي الذي يشكو منه الشارع المغربي.
لكن البعض يطرح التساؤل التالي لم تأت هذه الحملة متزامنة مع الظرفية الحالية ظرفية الانتخابات ألا يمكن اعتبارها حملة انتخابية لجهة معينة؟ ألا يمكن اعتبارها ضحكا على الذقون وتوريطا لفئات المجتمع في لعبة متكررة؟ هل ستكون هذه الحملة آنية وتنتهي بانتهاء الانتخابات وبالتالي دورها ينحصر في التصويت وفقط؟ .... تطرح العديد من الأسئلة ويجب وجوبا الإجابة عنها.
وهذا ما حاول مجموعة من الشباب الإجابة عليه في مجموعة من المحطات المحلية والوطنية لاقتناعهم الراسخ باعتبار هذه الحملة مجرد بداية لحث المواطنين وخصوصا الشباب على المشاركة الفاعلة في تحمل المسؤولية داخل أحزاب سياسية؛ جمعيات ونقابات ... لإبداء آرائهم والمشاركة في صنع القرارات التي من شأنها تغيير واقعهم وبالتالي تصبح عملية صنع المستقبل بأيدي المواطنين والشباب.
كما لا يخفى دور الجهات الأخرى التي تنادي بمقاطعة الانتخابات ولو بشكل غير مهيكل حتى يعتبر الذين لم يشاركوا أنهم انضبطوا لقراراتهم وإرادتهم مثل مجموعة من الأحزاب الصغيرة التي تحاول أن تجد لنفسها مكانا بين الأحزاب وذلك بإثارة الانتباه وشحذ الشباب بأفكار أحيانا تكون متطرفة سواء من جهة اليمين أو اليسار.
كما لا يمكن إغفال دور السلطة أو المخزن في ثوبيه القديم والحديث ابتداء من سنوات المطالبة بالاستقلال إلى سنوات الرصاص إلى ما تشهده الساحة الآن من تضييق على الحريات و النهج الحكومي اللا شعبي المتمثل في بيع ممتلكات الشعب وغلاء الأسعار والتهابها وتسريح العمال وتردي الخدمات في جميع القطاعات خصوصا بالقطاع الصحي والتعليم .... الخ
كذلك الصراعات الحزبية واعتبار كل حزب نفسه المؤهل للدفاع والنيابة عن الشعب واعتبار الأحزاب الأخرى مجرد إطارات صفراء لا تلم ولا تدافع عن الإرادة الحقيقية للمواطنين بالإضافة إلى تواطؤ بعضها مع السلطات ...
كل ذلك إضافة إلى عوامل كثيرة أخرى كالإعلام؛ الأعمال الفنية تسببت بشكل مباشر أو غير مباشر في تكوين نظرة مجتمعية متخوفة وعازفة عن المشاركة السياسية.
ولأن دوام الحال من المحال كما يقال فان بعض الأصوات بدأت تتعالى من أجل مشاركة الناس في تدبير شؤونهم وهو ما تعتبره هذه الجهات الضمانة الوحيدة للتغيير الحقيقي وأن انتظار الناس لتغيير قد يأتي وقد لا يأتي إنما هو خطأ حاولت بعض الجهات تكريسه لأسباب ذاتية خاصة بها. إنما المشاركة والمتابعة هما السبيل للتغيير من وسط الإطارات سواء كانت جمعوية؛ سياسية؛ أو نقابية . إذ لا يمكن التصويت على شخص وتركه يلعب في الساحة وحيدا بل يجب تزكية من هم أجدى بالترشح وفق برنامج سطره حزب ذو قاعدة شعبية لها آليات الدراسة والمتابعة والتطبيق.
ولن يتأتى ذلك إلا عبر الانضمام للأحزاب السياسية عن قناعة وحضور أنشطتها واقتراح أنشطة تهم جميع الفئات وإصدار قرارات باسم جميع المنخرطين لا بأسماء شخصية ...
ولأن الواقع يستدعي أكثر من أي وقت مضى التلاحم و الاتحاد لمواجهة صعوبة العيش والتي تزيد حدة قساوتها واستغلال ذلك من طرف اللوبيات الاقتصادية بتكريس من جهات ربما تعي أو لا تعي سلبيات انقسام المجتمع و تشتت جهوده فان الناس مدعوون للتأطر والعمل الهادف داخل إطارات سياسية ديمقراطية تؤمن بالتقدم والحداثة لأجل مجابهة مشاكلهم والتفكير جماعيا في أساليب تغيير واقعهم الذي يزداد ترديا يوما بعد يوم . وحتى تكون الكلمة موحدة ووازنة وقوية وإرادة حقيقية وتكون بمشاركة الجميع باختياراتهم بشكل ديمقراطي؛ ولاعتبار المحطة الآن إنما هي نقطة انطلاق بإرادة شعبية لا إرادة شخصية . تنطلق بمشاركة فاعلة ووازنة في انتخابات شتنبر 2007 ولا تنتهي بانتهائها لكن الأساس أن يكون كل ذلك بإرادة شعبية لا افتاءا ولا تسخيرا.
يبقى القول أخيرا أن إرادة الشعب في التغيير هي أقوى سلاح وأقوى إرادة ومشاركته في تدبير أموره هو أوضح وأكبر ضمانة لتوضح مستقبله؛ كما أن صناعة مستقبلنا لا يمكن أن تكون إلا بأيدينا. وكما يقول الشاعر أبو القاسم الشابي :
إذا الشعب يوماً أراد الحيـاة فلا بدّ أن يستجيب القدر
ولا بدّ للــــيل أن ينجلـــي ولا بدّ للقيد أن ينكسـر
ومن لم يُعانــقه شوق الحيــاة تبخّر في جوّهـا واندثــر
فويلٌ لمن لم تشُقْه الحيـــاة من صفعة العدم المنتصــر
كذلك قالـت لي الكائنـــــات وحدّثني روحهـا المستتــر
[/size][/right]