هدية أمي
بقلم سحر حمزة
أحبائي تعلمون دور الأم الكبير ودفئها الأمومي الذي لا ينس ,,قصة ندى مثل كل البنات تعشق أمها وتريد تقديم هدية لها في عيدها القادم في أول ايام الربيع وتفتح الأزهار ,والأم التي يعشقها كل من فينا ,هي التي ماتت كي نحيا , وأعطت بسخاء دون أن تطلب مقابل مثل أم ندى وأمي رحمها الله فأرادت ندى أن تعبر لأمها عن حبها وشكرها تأكيد لحاجتها المستديمة لها ,دقت الساعة السادسة في غرفة ندى المطلة على الحديقة, فأستيقظت ندى من نومها ، وقد تملكها شعور بالفرح الغامر ,ذلك أنها تعلم أن بعد غد سيكون عيد الأمهات ,وفي وجدانها بانه أجمل الأعياد ,لأنه جزء من رد الجميل لوالدتها ,تذكرت أنها بقيت تدخر من مصروفها لهذا اليوم في حصالتها المتواضعة ,وهي مدركة أن نقودها محدودة ومعدودة لكنها أفضل من لا شيء ، فبدأت ندى تفرغها ، لترى كم معها من النقود ؛ لشراء هدية لوالدتها بمناسبة عيد الأم ،، وبعد أنتهائها من عد ما فيها أكتشفت أن ما في حصّالتها من مبلغ لن يمكنها من شراء هدية ثمينة لوالدتها ,,فأحتارت كثيراً وفكرت ندى في طريقة تسطيع بها شراء ما يليق بامها ، وقالت في نفسها :لماذا لا تكون هديتي مشتركة مع أخوتي ,سأقترح عليهم ذلك ,وأرى ما ردهم ,وبالفعل ، ذهبت إليهم تقترح عليهم فكرتها ,وحين دخلت غرفتهم تفاجئت بأن كل واحد منهم منهم قد أشترى هدية خاصة به ، وأخبروها بأنهم سيقدمونها لوالدتهم في المساء .
خاب أمل ندى وخيم الحزن على محياها الطفولي البريء ، وعادت إلى غرفتها تعد نقودها فتجد أن المبلغ الصغير الذي معها لن يشتري الهدية التي تليق بأمها ، وصارت تلوم نفسها ، وتُحدثها قائلة : كيف نسيت أعز مناسبة على قلبي ، لقد كنت مسرفة و كنت أنانية ..ولا أدخر للزمن والمناسبات ولا للحالات الطارئة ,ولا أخطط لحياتي ولم أضع الأولويات التي يجب أن أنفق بها نقودي ,ثم عادت وتراجعت عن لوم نفسها ، لكني لم أكن مسرفة ,,نعم لست مسرفة ,كنت أنفق ما يزيد من مصروفي كي أشتري ما ينقصني من القرطاسية للمدرسة ,كنت حريصة أن لا يتحمل والدي أعباء جديدة لا يقدر عليها في تلبية أحتياجاتي الثانوية ،وعادت وقالت لا بد من حل لأن أنغص على أمي عيدها ويجب أن أكون صريحة مع نفسي و أمي ؟ فالهدية رمز ,وقيمتها تكمن في التعبير عن حبنا لمن حولنا ,وأن كانت غالية الثمن أو رخيصة ,فهي لا تشكل القيمة الأكبر من معنى الحب الحقيقي الذي يغمرني إتجاه أمي ، ذهبت إلى المدرسة كعادتها وقد قررت أن تبحث الأمر مع صديقاتها في المدرسة ، وتناقشهن بالأمر بعدها ستعرف ماذا ستفعل ، كانت شاردة طوال الطريق ، تحمل في جيبها المبلغ الصغير الذي لم يصل إلى دينار واحد ، ثقتها بنفسها وإصرارها على تقديم هدية شعور لازمها حتى وصلت المدرسة ,فألقت تحية الصباح على صديقاتها وقد أرتسمت عليها إبتسامة تحمل رسائل حب وإحترام لمن يقابلها ,,فردت صديقاتها التحية وقالت لهن بعد أن جلست معهن تحدثهن بما حصل لها بشان شراء هدية عيد الأم ، فضحكنا منها بدل أن يساعدنها وصرن يستعرضن الهدايا الجميلة اللواتي إشترينها لأمهاتهن والحلوى ، وحدثنها عن طقوس وحفلات ، وصرن يتباهين بتكبر ، ونفاق ،من تجهيزات خاصة سيقمن بها للإحتفال بعيد الأم ,صمتت ,ورمقتهن بنظرات أدركن حينها أن كلامهن لم يعجبها ، فأستئذنت بأدب ، متراجعة عن جلستهن المصتنعة ، وسارت بإتجاه غرفة الصف غير آبهة بهن ,,لاحظت لحقت فدوى صديقاتها المقرية منها سلوك ندى وخاطبتها قائلة : لا تهتمي يا ندى لهن ، فأنا لا أملك مبلغ كبيراً ؛ لشراء هدية غالية الثمن لأمي ، فسأكتفي بشراء بعض القرنفل من محل الزهور ، وسأقدمها رمزاً لأمي التي تعطينا في كل يوم هدية ,إبتسام وفرح بوجودها معنا ، فأمي وأمك وكل الأمهات يعلمن أننا نحبهن ولا نستطيع الإستغناء عنهن وأن هديتنا لهم في كل يوم طاعة وسلوك حسن وفعل الخير وأمي وأمك تدرك أننا في كل يوم يجب أن أهديها اجتهادي ، وطاعتي ، وأعكس حسن تربيتي لأكون بارة بها ,أحقق أمانيها في أن تراني كما تتمنى وأن لا يذهب تعبها معنا هباءً منثوراً .
صمتت ندى ثم قالت : إنك على حق يا فدوى ، ليس هناك أجمل من الزهور تقدم هدية لمن نحب ، ولقد وجدت الحل ، سأشتري باقة من الزهور لأمي ففي بعض حجم الورد وشذاه تعبير عن شكرنا وإمتنانا لأمنا ، ولن تكون الورود فقط هدية لأمي في عيد الأم فقط ،، وسأهديها كل يوم الطاعة ، وحسن الأخلاق ، والاجتهاد في المدرسة ، سأهديها مساعدتي لها ، وعرفاني بالجميل ، والصدق ، والصراحة .
فرحت فدوى لأنها غيرت من نفسية ندى وساعدتها في تجاوز قصة الهدية التي شغلتها عن أمور حياتها ,فأمسكت بيدها مثل فراشتين ترقصان فوق حقول خضراء منبسطة تعكسان لوناً نوعياً لسلوك رائع , ولفتة إنسانية تنم على الوعي وأدراك لكيفية التعامل بأمور الحياة ، وبعد إنتهاء الحصص المدرسية توجهت ندى وفدوى معاً نحو محل بيع الزهور ؛ وأشترين ورودهن المتواضعة لتقديمها هدية لعيد الأم ,وكم كان فرح أم ندى بورودها حين قدمتها لها حين وصلت المنزل وروت لها ما حصل معها معربة عن أسفها الكبير لعدم مقدرتها من شراء يليق بأمها الغالية ,,تبسمت الأم وقالت لندى ,,كم أنا سعيدة بك يا ندى الصباح وإشراقة شمسه التي تبعث الحياة بي كي أقوم بواجبي نحوك وإخواتك ,وأضافت : هديتي يا ندى هي أنت بحكمتك ونضجك وإدراكك للأشياء في الحياة ,أنت أغلى وأجمل هدية أعطاني الله إياها ومنحني بكرمه أحلى صفة ووظيفة على الأرض بأن أكون أماً صالحة لك ولأخوتك ,, ثم قالت :هيا ياندى غيري ملابسك , وتعالي ساعديني نكمل صنع الحلوى لأحتفل أنا بكم بالعيد يا أجمل الهدايا وأحلاها ,,غمر ندى شعور غريب وحضنت أمها وقبلتها وكأنها تملك الأرض وما عليها ,,,هذه قصة عيد الأم وهدية ندى المتواضعة ,,أرجو أن تكون قد حظيت بإعجابكم ,,,مع قبولي بأية نقد أو راي حولها
أنتهت ،
Sahar Hamzeh
Journalist Editor
Akhbar AlArab - Ajman